[size=48]ثلاث وقفات قبل رمضان
[/size]الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،، أما بعد:
[/size]الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،، أما بعد:
1- وقفة أمام ربك:
شهر رمضان فرصة عظيمة أمام المسلم للمراجعة والتغيير، وتعلم معاني التقوى والخشية والمراقبة، قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (183) سورة البقرة.
عَن أَنَسٍ قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اطلُبُوا الخَيرَ وتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ الله، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحاتٌ مِن رَحمَتِهِ يُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ، واسأَلُوا الله أَن يَستُرَ عَوَراتِكُم، وأَن يُؤَمِّنَ رَوعاتِكُم)) رواه الطبراني في " الكبير " (720)، الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 511.
لذا فقد كان السلف رضوان الله عليهم يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر حتى يتقبل منهم.
قال يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِير: "كان من دعائهم: اللهم سلِّمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتسلَّمه مني متقبلاً".
من هنا فإنه يجب على المسلم قبل حلول شهر رمضان الكريم، وقبل إقبال أيامه العطرات ولياليه المباركات أن يقف وقفة اعتراف وندم
وإنابة أمام ربه - تعالى - يعترف فيها بذنوبه، ويراجع فيها عيوبه، ويقول لربه: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (286) سورة البقرة.
من هنا فإنه يجب على المسلم قبل حلول شهر رمضان الكريم، وقبل إقبال أيامه العطرات ولياليه المباركات أن يقف وقفة اعتراف وندم
وإنابة أمام ربه - تعالى - يعترف فيها بذنوبه، ويراجع فيها عيوبه، ويقول لربه: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (286) سورة البقرة.
وهذه الوقفة أمام الله - تعالى - هي وقفة حياء وخجل على التقصير وعدم التشمير، والحياء من الله - تعالى - يقتضي البعد عن محارمه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-
: ((اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ))، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ ِللهِ، قَالَ: ((لَيْسَ ذَاكَ، وَلكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّاْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ، فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ)) أخرجه أحمد 1/387(3671) الألباني(حسن)، انظر حديث رقم: 935 في صحيح الجامع.
وقفة من يدري حق الله عليه وحقه على الله - تعالى - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَائِطٍ، فَقَالَ: ((يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلَكَ الأَكْثَرُونَ، إِلاَّ مَنْ قَالَ: هَكَذَا وَهَكَذَا، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ))، فَمَشَيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: ((أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ))، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: ((يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ))؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ((حَقُّهُ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا))، ثُمَّ قَالَ: ((تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ؟ فَإِنَّ حَقَّهُمْ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ))، قُلْتُ: أَفَلاَ أُخْبِرُهُمْ؟ قَالَ:
(دَعْهُمْ فَلْيَعْمَلُوا)) أخرجه "أحمد" 2/309(8071)، و"النَّسائي" في "الكبرى" 10118، الألباني: صحيح، ابن ماجة (4296).
وحينما يقف المسلم أمام ربه وقفة التوبة والندم فإن عليه أن يكون صادقا في توبته فيتوب من جميع الذنوب والمعاصي، يتوب عن التقصير في العبادة، يتوب عن هجره لكتاب الله - تعالى -، يتوب عن الكسل والسلبية، يتوب عن الغضب والعصبية، توبة عن آفات
الجنان واللسان، توبة عن النظر المحرم، توبة عن تضييع الأوقات والأزمان، توبة عن مشاهدة القنوات الفضائية التي تفسد القلب والعقل، توبةٌ من شربِ الدخان والمسكرات، توبة عن عقوق الوالدين وقطيعة الرحم، توبة عن تسويف الأعمال وتأخير التوبة.
عَنْ أَبِي عَامِرٍ الأَلْهَانِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّهُ قَالَ: ((لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي، يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللهُ - عز وجل - هَبَاءً مَنْثُورًا))،
الَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ، قَالَ: ((أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللهِ انْتَهَكُوهَا)) أخرجه ابن ماجة (4245) قال المنذرى (3/170): رواته ثقات، الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 18.
قال الشاعر:
قال الشاعر:
وإذا خلوتَ بِريبةٍ في ظُلْمَةٍ *** والنَّفْسُ داعيةٌ إلى الطُغْيانِ
فاستحي من نظرِ الإلهِ *** وقُلْ لها إنَّ الذي خلقَ الظلامَ يَرَاني
عَنْ سَعْدٍ مَوْلَى طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى عَدَّ
سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَلَكِنِّى سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ لاَ يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ أُرْعِدَتْ وَبَكَتْ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ أَأَكْرَهْتُكِ؟ قَالَتْ
لاَ وَلَكِنَّهُ عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ، وَمَا حَمَلَنِى عَلَيْهِ إِلاَّ الْحَاجَةُ، فَقَالَ تَفْعَلِينَ أَنْتِ هَذَا وَمَا فَعَلْتِهِ اذْهَبِى فَهِىَ لَكِ، وَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ لاَ أَعْصِى اللَّهَ بَعْدَهَا أَبَدًا، فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِلْكِفْلِ)) أَخْرَجَهُ أحمد 2/23(4747)، والترمذي (2496).
روى الإمام أحمدُ في الزُّهد وغيرُه عن جُبيرِ بنِ نُفيْر قال: لما فُتِحَتْ
روى الإمام أحمدُ في الزُّهد وغيرُه عن جُبيرِ بنِ نُفيْر قال: لما فُتِحَتْ
قبرص فُرِّقَ بين أهلِها فبكى بعضُهم إلى بعض، ورأيتُ أبا الدرداءِ جالساً وحدَه يبكي، فقلتُ: يا أبا الدرداء! ما يبكيكَ في يومٍ أعزَّ اللهُ فيه الإسلامَ وأهلَه؟ قال: ويحَك يا جبير؛ ما أهونَ الخلقِ على اللهِ إذا أضاعوا أمرَه.
لذا فقد أكد لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن من صام رمضان صياماً حقيقياً غفر له ما تقدم من ذنبه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. أخرجه "أحمد" 2/232(7170)، و"البُخاري" 38 " مسلم" 1731.
2- وقفة مع نفسك:
رمضان فرصة عظيمة للوقوف مع النفس ومعاتبتها ومحاسبتها، فترك محاسبة النفس طريق إلى الغفلة وباب لتسلط الشيطان على الإنسان، فيصبح المرء بلا قلب ولا عقل، همه من الحياة الطعام والشراب والنوم، قال - تعالى -: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) (12) سورة محمد.
قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) (18-20) سورة الحشر.
قولُ ابنُ كثيرٍ - رحمه الله -: "أي حاسبوا أنفسَكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادخرتُم لأنفسِـكم من الأعمالِ الصالحةِ ليومِ معادِكم وعرضِـكم على ربِكم، واعلموا أنه عالمٌ بجميعِ أعمالِكم وأحوالِكم، لا تخفى عليهِ منكم خافيه" تفسير ابن كثير 8/ 77.
قال الشاعر:
قال الشاعر:
استعدّي يا نفسُ للموت واسعَيْ *** لنجاةٍ فالحازمُ المستعدُّ
قد تبينتُ أنَّه ليس للحيِّ خل *** ودٌ ولا من الموت بدُّ
أيُّ ملكٍ في الأرض أوْ أيُّ حظٍّ *** لامرئ حظه من الأرض خُلْدُ
كيف يهوى امرء لذاذة أيّا *** مٍ عليه الأنفاسُ فيها تعدُّ
قد تبينتُ أنَّه ليس للحيِّ خل *** ودٌ ولا من الموت بدُّ
أيُّ ملكٍ في الأرض أوْ أيُّ حظٍّ *** لامرئ حظه من الأرض خُلْدُ
كيف يهوى امرء لذاذة أيّا *** مٍ عليه الأنفاسُ فيها تعدُّ
قال ابن القيم: "وتركُ المحاسبة والاسترسالُ وتسهيلُ الأمورِ
وتمشيتُـها، فإنَّ هذا يقولُ بهِ إلى الهلاكِ، وهذه حالُ أهلِ الغرور، يُغْمضُ عينيهِ عن العواقبِ ويُمَشّي الحال، ويتكلُ على العفو، فيهملُ
محاسبة نفسهِ والنظرُ في العاقبة، وإذا فعلَ ذلكَ سَهُلَ عليه مواقعةُ الذنوبِ وأنِسَ بها وعَسُرَ عليه فِطامُها ولو حَضَرَه رُشْدَه لعلِم أنّ الحميةَ أسهلُ من الفِطام وتركُ المألوف والمعتاد" إغاثة اللهفان،
(82).
قال بعض السلف: كان أحدهم يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك لشريكه، وقد قال بعض العلماء: من علامة المقت أن يكون العبد ذاكراً لعيوب غيره ناسياً لعيوب نفسه ماقتاً للناس على الظن
(82).
قال بعض السلف: كان أحدهم يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك لشريكه، وقد قال بعض العلماء: من علامة المقت أن يكون العبد ذاكراً لعيوب غيره ناسياً لعيوب نفسه ماقتاً للناس على الظن
محباً لنفسه على اليقين وترك محاسبة النفس ومراقبة الرقيب من طول الغفلة عن اللَّه - عز وجل - والغافلون في الدنيا هم الخاسرون في العقبى لأن العاقبة للمتقين.
قال الحسن البصري في تفسير قول الله - عز وجل -: (وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) [القيامة: 2]، "لا يُلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه: ماذا أردتُ بكلمتي؟ ماذا أردتُ بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والفاجر يمضي قُدُماً لا يعاتب نفسه". الزهد للإمام أحمد (396).
كان الأحنفُ بن قيسٍ يجيءُ إلى المصباحِ فيضعُ إصبَعهُ فيه ثم يقول: يا حُنيف، ما حمَلَكَ على ما صنعتَ يومَ كذا؟ ما حمَلَكَ على ما صنعتَ يومَ كذا؟.
قال الحسن البصري -رحمة الله-: إن العبـد لا يـزال بـخير مـا كـان لـه واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته.
كان توبة بن الصمة من المحاسبين لأنفسهم فحسب يوماً، فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها، فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ وقال: "يا ويلتي ألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب؟ كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب؟ ثم خر مغشياً عليه، فإذا هو ميت، فسمعوا قائلاً يقول: يا لك ركضة إلى الفردوس الأعلى" إحياء علوم الدين 4/406.
كان توبة بن الصمة من المحاسبين لأنفسهم فحسب يوماً، فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها، فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ وقال: "يا ويلتي ألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب؟ كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب؟ ثم خر مغشياً عليه، فإذا هو ميت، فسمعوا قائلاً يقول: يا لك ركضة إلى الفردوس الأعلى" إحياء علوم الدين 4/406.
إلى كم أقول ولا أفعلُ *** وكم ذا أحوم ولا أنزِلُ
وأزجر عيني فلا ترعوي *** وأنصح نـفسي فلا تـَقبلُ
وكم ذا تعلّل لي، ويحَها *** بِعَلَّ وسوف وكم تمطل؟
وكم ذا أُؤمل طول البقا *** وأغفل والموت لا يغفلُ؟
وفي كل يوم يُنادي بنا *** منادي الرحيل: ألا فارحلوا
كأن بي وشيكاً إلى مصرعي *** يُساق بنعشي ولا أُمهـلُ
وأزجر عيني فلا ترعوي *** وأنصح نـفسي فلا تـَقبلُ
وكم ذا تعلّل لي، ويحَها *** بِعَلَّ وسوف وكم تمطل؟
وكم ذا أُؤمل طول البقا *** وأغفل والموت لا يغفلُ؟
وفي كل يوم يُنادي بنا *** منادي الرحيل: ألا فارحلوا
كأن بي وشيكاً إلى مصرعي *** يُساق بنعشي ولا أُمهـلُ
ولمحاسبة النفس فوائدٌ جمّةٌ، منها:
أولاً: الإطلاعُ على عيوبِ النفس، ومن لم يطلع على عيبِ نفسِه لم يمكنهُ معالجتُه وإزالته.
ثانيـاً: التوبةُ والندمُ وتدارك ما فات في زمنِ الإمكان.
ثالثـاً: معرفةُ حقُ اللهِ - تعالى -، فإن أصلَ محاسبةُ النفس هو محاسبتُـها على تفريطها في حقِ الله - تعالى -.
رابعـاً: انكسارُ العبد وتذلُلَه بين يدي ربه تبارك وتعالى.
خامساً: معرفةُ كرَمِ الله - سبحانه - ومدى عفوهِ ورحمتهِ بعبادهِ في أنه لم يعجل لهم عقوبتَهم معَ ما هم عليه من المعاصي والمخالفات.
سادساً: الزهد، ومقتُ النفس، والتخلصُ من التكبرِ والعُجْب.
سابعاً: تجد أنَّ من يحاسبُ نفسَهُ يجتهدُ في الطاعةِ ويترُكُ المعصية حتى تَسهُلَ عليهِ المحاسبةُ فيما بعد.
ثامناً: ردُ الحقوقِ إلى أهلِـها، ومحاولةُ تصحيحِ ما فات.
فما عليك أخي الحبيب إلا أن تسأل نفسك الآن وقبل رمضان: كم صلاةٍ ضيعتها؟ كم صدقةٍ بَخِلتَ بها؟ كم معروفٍ تكاسلتَ عنه؟ كم منكرٍ سكتَّ عليه؟ كم نظرةٍ محرمةٍ أصبتَها؟ كم كلمةٍ فاحشةٍ أطلقتها؟ كم من مصاب ومبتلي لم تمتد يدك لتخفف عنه.. كم وكم... وهل سيأتي علىّ رمضان هذا العام والمعاصي كما هي والتقصير لا يبرح مكانه.
إنا لنفـرحُ بالأيـامِ نقطعُـها *** وكـلَّ يومٍ يُدني من الأجـلِ
فاعمل لنفسِكَ قبلَ الموتِ مجتهداً *** فإنما الربحُ والخسرانُ في العملِ
فاعمل لنفسِكَ قبلَ الموتِ مجتهداً *** فإنما الربحُ والخسرانُ في العملِ
ورمضان كذلك فرصة لمراجعة النفسإصلاحها، عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)) أخرجه أحمد 2/452(9838)، و"البُخاري" 1903.
3- وقفة مع من حولك:
وعلى العاقل أيضا وقبل رمضان أن يقف وقفة مع من حوله ويسأل نفسه: ماذا فعل لمن حوله؟ وماذا قدم للناس؟ وهل سيظل طوال عمره أنانياً لا يحب إلا نفسه ولا يهتم إلا بذاته ولا يسعى إلا في مصلحته الخاصة؟!.
أم سيكون شهر رمضان فرصة للتخلص من الأنانية وحب الذات والشح والظلم؟.
هل سيصفو قلبه للناس في رمضان، ويتخلص من الحسد والغل والحقد؟.
قال - تعالى -: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (88-89) سورة الشعراء.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما -، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((كُلّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ))، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: ((هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ، وَلاَ غِلَّ، وَلاَ حَسَدَ)) رواه ابن ماجه (4307).
عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: ((يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، تَنْطُِفُ لِحْيَتُهُ مَاءً مِنْ وَضُوئِهِ، مُعَلِّقٌ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -
هل سيصفو قلبه للناس في رمضان، ويتخلص من الحسد والغل والحقد؟.
قال - تعالى -: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (88-89) سورة الشعراء.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما -، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((كُلّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ))، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: ((هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ، وَلاَ غِلَّ، وَلاَ حَسَدَ)) رواه ابن ماجه (4307).
عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: ((يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، تَنْطُِفُ لِحْيَتُهُ مَاءً مِنْ وَضُوئِهِ، مُعَلِّقٌ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: ((يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ مَرْتَبَتِهِ الأُولَى، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ مَرْتَبَتِهِ الأُولَى، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، تَبِعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
فَقَالَ: إِنِّي لاَحَيْتُ أَبِي، فَأَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَحِلَّ يَمِينِي فَعَلْتَ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ لَيْلَةً، أَوْ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ بِشَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا انْقَلَبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللهَ وَكَبَّرَ، حَتَّى يَقُومَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ، فَيُسْبِغُ الْوُضُوء
قَالَ عَبْدُ اللهِ: غَيْرَ أَنِّي لاَ أَسْمَعُهُ يَقُولُ إِلاَّ خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَلاَثُ لَيَالٍ كِدْتُ أَحْتَقِرُ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ وَلاَ هَجْرَةٌ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول لك ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فِي ثَلاَثِ مَجَالِسَ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ تِلْكَ الثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَأَرَدْتُ آوِي إِلَيْكَ
فَأَنْظُرَ عَمَلَكَ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي غِلاًّ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ
فَقَالَ: إِنِّي لاَحَيْتُ أَبِي، فَأَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَحِلَّ يَمِينِي فَعَلْتَ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ لَيْلَةً، أَوْ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ بِشَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا انْقَلَبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللهَ وَكَبَّرَ، حَتَّى يَقُومَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ، فَيُسْبِغُ الْوُضُوء
قَالَ عَبْدُ اللهِ: غَيْرَ أَنِّي لاَ أَسْمَعُهُ يَقُولُ إِلاَّ خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَلاَثُ لَيَالٍ كِدْتُ أَحْتَقِرُ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ وَلاَ هَجْرَةٌ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول لك ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فِي ثَلاَثِ مَجَالِسَ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ تِلْكَ الثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَأَرَدْتُ آوِي إِلَيْكَ
فَأَنْظُرَ عَمَلَكَ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي غِلاًّ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ
أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لاَ نُطِيقُ. أخرجه أحمد 3/166(12727)، وقال محققه شعيب الأرناؤط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، ورواه الترمذي (3694)، و"النَّسائي"، في "عمل اليوم والليلة" 863، والطبراني والحاكم في المستدرك (3/73)، وصححه ووافقه الذهبي
قال سرّي السقطي -وكان أوحد زمانه في الورع وعلوم التوحيد-: "منذ ثلاثين سنة وأنا في الاستغفار من قولي مرة: الحمد للّه، قيل له: وكيف ذلك؟ قال: وقع ببغداد حريق، فاستقبلني واحد، وقال: نجا حانوتُك! فقلت: الحمد للّه! فأنا نادم من ذلك الوقت حيث أردتُ لنفسي خيراً من دون الناس" المناوي: فيض القدير 1/124.
هل يتخلص من الظلم ويعمل على رد المظالم إلى أهلها؟.
قال - تعالى -: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) ( سورة الشورى
عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَنَّهُ قَالَ: ((يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلاَ تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي)) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" 490، و"مسلم" 8/16 (6664).
قال - تعالى -: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) ( سورة الشورى
عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَنَّهُ قَالَ: ((يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلاَ تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي)) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" 490، و"مسلم" 8/16 (6664).
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ)) أخرجه أحمد 3/323(14515) و"البُخَارِي"، في (الأدب المفرد) 483، و"مسلم" 8/18(6668).
حتى لا يأتي مفلساً يوم القيامة من الحسنات، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: ((هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ))؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ، قَالَ: ((إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَيَامٍ وَصَلاَةٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ)). أخرجه أحمد 2/303(8016)، و"مسلم" 6671، و"التِّرمِذي" 2418.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالََ: ((لَتُؤدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ)) أخرجه أحمد 2/235(7203)، و"البُخاري" في الأدب المفرد (183)، و"مسلم" 8/18.
قال الشاعر:
لا تظلمن إذا كنت مقتدرا *** فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ
تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنمِ
تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنمِ
وقال أبو العتاهية:
ستعلم يا ظلوم إذا التقينا *** غداً عند الإله من الظلوم
أما والله إنَّ الظُّلم شؤمٌ *** وما زال المسيء هو الظَّلوم
إلى دياَّن يوم الدّين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا *** غداً عند الإله من الملوم
أما والله إنَّ الظُّلم شؤمٌ *** وما زال المسيء هو الظَّلوم
إلى دياَّن يوم الدّين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا *** غداً عند الإله من الملوم
روى الخطيب في (تاريخ بغداد 14/131): عن محمد بن يزيد المبرد حدثني محمد بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك قال:
قال أبى لأبيه يحيى بن خالد بن برمك وهم في القيود والحبس: يا أبت بعد الأمر والنهى، والأموال العظيمة، أصارنا الدهر إلى القيود، ولبس الصوف والحبس، قال: فقال له أبوه: يا بني دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها، ولم يغفل الله عنها، ثم أنشأ يقول:
رب قوم قد غدوا في نعمة *** زمناً والدهر ريان غدق
سكت الدهر زماناً عنهم *** ثم أبكاهم دماً حين نطق
هل يتخلص في رمضان من العقوق، وقطيعة الرحم؟.
سكت الدهر زماناً عنهم *** ثم أبكاهم دماً حين نطق
هل يتخلص في رمضان من العقوق، وقطيعة الرحم؟.
فإن عقوق الوالدين كبيرة من أعظم كبائر الذنوب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: ((أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ)) ثَلاَثًا: ((الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَوْ قَوْلُ الزُّورِ))، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَمَازَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ".
أخرجه أحمد 5/36 (20656)، و"البُخَارِي" 3/225 (2654)، و"مسلم"1/64 (172).
ولقد جعل الله - تعالى - بر الوالدين بعد عبادته - سبحانه -، قال - تعالى -: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) (36) سورة النساء.
عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِدًا فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً، فَكَانَ فِيهَا فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّى، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّى،
فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّى، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: أَي رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِي يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ، قَالَ:
فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِي، فَوَلَدَتْ مِنْكَ، فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِي، فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّي، فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى
الصَّبِي، فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ: يَا غُلاَمُ مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلاَنٌ الرَّاعِي، قَالَ: فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ، وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لاَ أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوا)) أخرجه أحمد 2/307 (8057)، و"البُخاري" 3/179(2482)، و4/201 (3436)، و"مسلم" 8/4.
قال الشاعر:
قال الشاعر:
عليك ببر الوالدين كليهما *** وبر ذوي القربى وبر الأباعد
ولا تصبحن إلا تقياً مهذباً *** عفيفاً ذكياً منجزاً للمواعد
وكما حذرنا الله - تعالى - من عقوق الوالدين، وأمرنا ببرهما والإحسان إليهما، فإنه كذلك حذرنا من قطيعة الرحم، وحثنا على الصلة، قال - تعالى -: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (22- 23) سورة محمد.
بل وجعل الإسلام صلة الرحم سبباً للبركة في العمر والمال والولد، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)) أخرجه أحمد 3/247 (13620)، و"البُخَارِي" 3/73 (2067)، و"مسلم" 8/8 (6615).
هل سيتعلم معاني الإحسان والجود في رمضان؟.
إن شهر رمضان يعلمنا الإحسان إلى الآخرين والتخلص من الأنانية، قال - تعالى - في وصف المؤمنين: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (9) سورة الحشر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ اللهَ - عز وجل - يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ، يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ،
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي)) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" 517، و"مسلم" 6648.
ولقد علمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - معاني الجود والإحسان، وبخاصة في شهر رمضان، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ" "البُخَارِي" 1/4 (6)، و4/229 (3554)، و"مسلم" 7/73 (6075).
ومن هنا فرض الإسلام زكاة الفطر في رمضان، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِي زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِي صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ" أخرجه أبو داود (1609)، و"ابن ماجة" 1827.
قال الشاعر:
الله أعطاك فابذل من عطيته *** فالمال عاريّة والعمْر رحالُ
المال كالماء إِنْ تحبس سواقِيَه يأسن *** وإن يجرِ يعذب منه سلسالُ
المال كالماء إِنْ تحبس سواقِيَه يأسن *** وإن يجرِ يعذب منه سلسالُ
عن أبي بردة قال لما حضر أبا موسى الوفاة قال: يا بني اذكروا صاحب الرغيف، قال: كان رجل يتعبد في صومعة -أراه قال- سبعين سنة لا ينزل إلا في يوم واحد، قال: فشبه أو شب الشيطان في عينه امرأة، فكان معها سبعة أيام، أو سبع ليال، قال: ثم كشف عن الرجل غطاؤه، فخرج تائباً، فكان كلما خطا خطوة صلى وسجد، فآواه الليل إلى دكان كان عليه اثني عشر مسكينا، فأدركه العياء فرمى بنفسه بين رجلين منهم، وكان ثم راهب يبعث إليهم كل ليلة بأرغفة فيعطي كل إنسان رغيفاً فجاء صاحب الرغيف فأعطى كل إنسان رغيفاً، ومر
على ذلك الرجل الذي خرج تائبا فظن أنه مسكين فأعطاه رغيفاً، فقال المتروك لصاحب الرغيف: مالك لم تعطني رغيفي؟ ما كان بك عنه غنى، فقال أتراني أمسكته عنك سل: هل أعطيت أحدا منكم رغيفين؟ قالوا: لا، قال تراني أمسكته عنك، والله لا أعطيك الليلة
شيئاً فعمد التائب إلى الرغيف الذي دفعه إليه، فدفعه إلى الرجل الذي ترك، فأصبح التائب ميتاً، قال: فوزنت السبعون سنة بالسبع الليالي، فرجحت السبع الليالي، ثم وزنت السبع الليالي بالرغيف فرجح الرغيف، فقال أبو موسى: يا بني اذكروا صاحب الرغيف" ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه 8/107، وأبو نعيم في: حلية الأولياء 1/263.
قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمُ *** فطالما استعبد الإنسان إحسانُ
قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمُ *** فطالما استعبد الإنسان إحسانُ
من جاد بالمال مال الناس قاطبة *** إليه والمال للإنسان فتانُ
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة *** فلن يدوم على الإنسان إمكانُ
وقال آخر:
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة *** فلن يدوم على الإنسان إمكانُ
وقال آخر:
كن بلسماً إن صار دهرك أرقماً *** وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها *** لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا *** أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً؟ *** أو من يثيبُ البلبل المترنما
فعليك أيها الحبيب وقبل رمضان أن تراجع سجل إحسانك، وأن تعاهد ربك أن تكون من المحسنين في رمضان، وأن تعود نفسك فيه على الجود والإحسان، والتسامح والغفران.
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها *** لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا *** أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً؟ *** أو من يثيبُ البلبل المترنما
فعليك أيها الحبيب وقبل رمضان أن تراجع سجل إحسانك، وأن تعاهد ربك أن تكون من المحسنين في رمضان، وأن تعود نفسك فيه على الجود والإحسان، والتسامح والغفران.