فوائد الرضاعة الطبيعية: للأم والطفل معاً
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فوائد الرضاعة الطبيعية بالنسبة للطفل:
تنصح منظمة الصحة العالمية بان يبقى حليب الام هو مصدر الغذاء الرئيسي للطفل حتى يصل الى سن نصف سنة, كما توصي بالاستمرار لاحقا (اضافة الى الغذاء الصلب) بالرضاعة الطبيعية حتى سن السنة. هذه التوصيات, التي تعززها العديد من الادلة المستمدة من العديد من الابحاث والدراسات, والتي تشير الى فوائد الرضاعة الغذائية بالنسبة للطفل, تدعمها ايضا الغالبية العظمى من السلطات الحكومية والصحية في العالم. ومن المتبع تقسيم هذه الفوائد العديدة الى فوائد فورية (خلال الرضاعة) وفوائد على المدى الطويل (خلال السنين والعقود التي تلي الانتهاء من الرضاعة).
الفوائد الفورية:
1. تحسين اداء الجهاز الهضمي- يحتوي حليب الام على مركبات عديدة تؤثر مباشرة بشكل ايجابي على الجهاز الهضمي. تقوم العديد من المواد, من بينها الهرمونات (كورتيزول, انسولين), عوامل النمو (EGF وغيرها) والاحماض الامينية الحرة (تورين, جلوتامين), بتنظيم نمو وتطور جهاز الهضم. تؤدي عوامل اخرى, مثل مضادات الالتهاب (IL-10), الى تقليل خطر الاصابة بالتهابات في الجهاز الهضمي تهدد خطر حياة الانسان. وعلى راس هذه الالتهابات مرض خطير وقاتل, يدعىالالتهاب المعوي القولوني الناخر (necrotizing enterocolitis-NEC). مركبات جهاز المناعة التي تتواجد بوفرة في حليب الام, مثل الاجسام المضادة (من نوع IgG وIgA) او خلايا جهاز المناعة (البلاعم - Macrophages), تقلل بشكل كبير, من خطر اصابة الطفل بالتهابات في الجهاز الهضمي. تعتبر الانزيمات مركبا خاصا في حليب الام، ايضا, فهي لا تساهم في تنظيم وتنفيذ عملية الهضم السليمة فحسب, بل تحمي الجسم من خطر الاصابة بالالتهابات والامراض العدوائية. في نهاية المطاف, ثبت بان التغذية التي تعتمد على حليب الام تساهم في تكاثر الجراثيم الجيدة، او فلورا الامعاء الطبيعية والواقية، في الجهاز الهضمي لدى الطفل, الذي يكون في طور النمو.
بفضل هذه المركبات وغيرها, اثبتت الابحاث ان الرضاعة الطبيعية, مقارنة بالتغذية التي تعتمد على الحليب الصناعي, تحسن من اداء عمليات الهضم الفيسيولوجية لدى الطفل (يكون تفريغ المعدة اسرع, عملية تفكيك الانزيمات، مثل اللاكتاز، تكون افضل), كما انها تقلل من المخاطر المتعلقة بجهاز الهضم لدى الخدج (كفرط النفوذية) وتقلل بشكل ملحوظ من خطر حدوث مضاعفات عدوائية والتهابية، مثلالاسهال و الالتهاب المعوي القولوني الناخر - NEC.
2. تاثير وقائي من خطر العدوى - اضافة الى الحماية التي يوفرها حليب الام للجهاز الهضمي لدى الطفل, فهو يوفر ايضا الحماية من خطر الاصابة بالامراض العدوائية بصفة عامة. يعود الفضل في ذلك الى العديد من المركبات الخاصة التي لا تتوفر في عبوات الحليب الصناعي التجارية, بما في ذلك البروتينات (اللاكتوفيرين, الليزوزيمات, الاجسام المضادة من نوع sIgA), الدهنيات (الاحماض الدهنية الحرة, احادي الغليسيريد وغيرها), الكبروهيدرات (قليل السكاريد وبعض انواع البروتينات السكرية) وخلايا الدم البيضاء (وبشكل اساسي، العدلات والبلاعم, وهي خلايا ذات قدرة على بلع العديد من العوامل التي تسبب الامراض).
تنعكس المحصلة الاحصائية لهذه المركبات وغيرها بنسبة اقل من الاصابة بالامراض, من زيارات الطبيب, تلقي العلاج في المستشفى ونسبة الوفاة, لدى الاطفال الذين تم ارضاعهم بشكل طبيعي مقارنة باولئك الذين تلقوا الحليب الصناعي على اختلاف انواعه. وقد لوحظ الفرق خصوصا في مجال الامراض العدوائية في مرحلة الطفولة: كان الاطفال الذين حصلوا على الحليب الطبيعي اقل عرضة بـ - 5 مرات للاصابة بالامراض العدوائية في الجهاز الهضمي, كما ان احتمالات اصابتهم بامراض عدوائية في الجهاز التنفسي كانت اقل بنسبة 50% (وعند الاصابة بالعدوى, كانت مدة المرض اقصر بشكل كبير), كما قلت احتمالات اصابتهمبالتهابات في الاذن الوسطى بمعدل 1,5 مرة, وقلت احتمالات اصابتهم بالتهابات في المسالك البولية وتضاءلت نسبة اصابتهمبالانتان (Sepsis). وقد بقيت هذه المعطيات ذات اهمية حتى بعد المقارنة بين المعطيات الاولية (مثل المستوى الاجتماعي, المستوى الثقافي ... الخ) الخاصة بالاطفال الذين تغذوا على الحليب الطبيعي واولئك الذين تلقوا حليبا اصطناعيا.
3. يشمل كل شيء: على الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها الشركات التجارية لكي تضمن احتواء الحيب الصناعي على جميع مركبات الغذاء الاساسية التي يحتاج اليها الطفل, الا ان القيود التقنية والاخطاء الانسانية سوف تستمر على ما يبدو في الحد من قدرة الحليب الصناعي على الاقتراب من القيمة الغذائية المتوفرة في حليب الام. وهذا نظرا لان حليب الام يحتوي على جميع المركبات الغذائية التي يحتاجها الطفل, بل حتى الامهات اللواتي يعانين من سوء التغذية يكون الحليب لديهن كاملا، عادة، على صعيد قيمته الغذائية, الامر الذي لا يمكن التاكد منه وضمانه عند تلقي الطفل الحليب الصناعي.
فوائد الرضاعة على المدى الطويل:
1. حماية ضد الامراض العدوائية - يستمر هذا التاثير الايجابي حتى بعد فطام الطفل عن الرضاعة. الاطفال الذين ارضعتهم امهاتهم لستة اشهر على الاقل كانوا اقل عرضة للاصابة بالامراض العدوائية, حتى بعد ان بداوا بتناول الطعام العادي. كما ان احتمالات اصابتهم بالتهابات الاذن المتكررة في السنة الاولى اقل بمرتين, فضلا عن ان مدة المرض لديهم تكون اقصر بمرتين حتى سن السنتين, وتكون احتمالات بقائهم في المستشفى للعلاج في مرحلة الطفولة اقل ايضا.
2.الامراض المزمنة- اذا لم يكن ما ذكرناه كافيا, فالرضاعة تحمي من خطر الاصابة بالامراض المزمنة عند الكبر, بعد عشرات السنين. خطر اصابة الاطفال الذين تغذوا بالرضاعة من حليب الام بالسمنة هو اقل بمرتين. كما ان الرضاعة تقلل من خطر الاصابة بالامراض السرطانية في مرحلة الطفولة, اضافة الى تقليل خطر الاصابة بانواع معينة من الامراض السرطانية (بالاساس, اللوكيميا - سرطان الدم) مدى الحياة. كما تسهم الرضاعة, بعدة طرق, في تقليل الاصابة بعوامل الخطر التي تزيد من احتمالات الاصابة بامراض القلب والاوعية الدموية (مستوى دهنيات غير سليم, داء السكري, ارتفاع ضغط الدم وغيرها) وامراض الشرايين التاجية في القلب, مستقبلا. يكون الاطفال الذين تم ارضاعهم اقل عرضة للاصابة بداء السكري, وخصوصا من النوع الاول (سكريالاطفال), وقد يعود سبب ذلك الى التعرض لفترة اقل لحليب الابقار (الذي ثبت انه يشكل احد عوامل الخطر للاصابة بسكري الاطفال). في النهاية, هنالك العديد من الادلة على ان الرضاعة تساهم في تقليل خطر الاصابة بامراض مناعية, من بينها امراض الحساسية المختلفة, الربو وغيرها.
3.التطور الدماغي (القدرات الذهنية) - اظهرت معظم الدراسات وجود علاقة بين الرضاعة, لمدة 6 اشهر على الاقل, وبين ارتفاع علامات اختبارات الذكاء (IQ) المختلفة في فترة الطفولة والمراهقة. اضافة الى ذلك, اكدت العديد من الدراسات ان الرضاعة تعود بالفائدة على الانظمة الحسية: فلقد كان تطور الاجهزة البصرية والسمعية لدى الاطفال الذين تم ارضاعهم, افضل.
4. تخفيف التوتر- قد تفسر الرابطة العاطفية التي تنشا بين الام والطفل خلال الرضاعة, وبعض المواد التي تتوفر في حليب الام, حقيقة اثبتت في العديد من الدراسات والتي لا شك فيها اليوم: ان الرضاعة تسهم في تخفيف التوتر لدى الرضيع. على الرغم من اننا لا نعتبر الاطفال الرضع فئة معرضة للتوتر على وجه الخصوص, الا ان التاثير المضاد للالم والمهدئ الذي يتمتع به حليب الام يسهم في تطور الطفل الاجتماعي والعقلي, ويحسن العلاقات بين افراد العائلة (خصوصا الام) وبين الطفل الرضيع.
فوائد الرضاعة بالنسبة للام
1. يسهمهرمون الاوكسيتوسين, الذي يتم افرازه بكميات كبيرة خلال الرضاعة, في تقلص الرحم وفي تسريع عملية التماثل للشفاء بعد الولادة, اذ ان الامهات المرضعات يعانين من معدل مضاعفات اقل خلال الفترة التي تلي الولادة (والتي تعرف بانها الاسابيع الستة الاولى من حياة الرضيع).
2.تعاني الامهات المرضعات من نسبة اقل من التوتر, وقد يعود الفضل في ذلك الى التاثير المباشر للهرمونات، مثلالبرولاكتينوالاوكسيتوسين (اللذان يشاركان في عملية الرضاعة), والمعروفين بتاثيرهما المباشر على الجهاز العصبي. وقد يفسر ذلك حقيقة اخرى, هي ان نسبة الاضطرابات النفسية لدى الامهات المرضعات, ابتداء بالاكتئاب الخفيف وانتهاء بالاعتداء على الطفل او اهماله, اقل بكثير بالمقارنة مع الامهات اللواتي لا يرضعن.
3.خبر سار للنساء اللواتي يرغبن في خفض وزنهن: تعتبر الرضاعة عاملا محفزا لفقدان الوزن, وقد يكون ذلك نتيجة لحرق كمية كبيرة من السعرات الحرارية (حوالي 500 سعرة حرارية في اليوم) اثناء الرضاعة.
. على الرغم من انه لا يمكن، باي حال من الاحوال، الاعتماد على الرضاعة فقط كوسيلة لمنع الحمل (اذ قد تكفي استراحة قصيرة نسبيا, لمدة بضع ساعات, لكي تتم الاباضة ويحصل الحمل), الا ان الرضاعة تؤدي الى تاخير بداية الاباضة (والحيض) بعد الولادة.
5. تقلل الرضاعة بشكل ملحوظ من خطر الاصابة بسرطان المبيض والثدي (مستقبلا ايضا). اضافة الى ذلك, هنالك العديد من الادلة التي تشير الى ان الرضاعة تسهم في منع وتاخير الاصابة بتخلخل العظام.
6.تقليل خطر الاصابة بالعديد من الامراض المزمنة, مدى الحياة وليس فقط خلال فترة الرضاعة, بما في ذلك, السمنة المفرطة, امراض القلب والاوعية الدموية, فرط شحميات الدم (خلل في مستوى الدهنيات في الدم) وغيرها. فعلى سبيل المثال, الامهات اللواتي ارضعن لمدة تزيد عن 6 اشهر, هن اقل عرضة للاصابة بامراض القلب والاوعية الدموية بنسبة 30%.
7. التوفير الاقتصادي - يعتبر الحليب الصناعي مكلفا, اذ ان الاباء والامهات يضطرون الى انفاق الكثير من الاموال من اجل توفيره للطفل, الامر الذي يمكن تفاديه عن طريق اللجوء الى الرضاعة الطبيعية. وهذا، بالطبع، اضافة الى التاثير الصحي الايجابي لحليب الام, الذي يمنح الطفل فرصا اكبر للتطور والنمو بشكل افضل, وتكون احتمالات اصابته بامراض مزمنة اقل, وبالتالي فان معدل الوفاة يكون اكثر انخفاضا.
المشاكل الشائعة اثناء الرضاعة
احتقان الثدي- يصبح الثدي عادة صلبا واحمر اللون, كما يكون دافئا عند تحسسه, وقد ترتفع درجة حرارة الجسم قليلا (لا تزيد عن الـ 38 درجة مئوية، غالبا). العلاج الامثل لهذه الحالة هو الرضاعة, الا ان الاحتقان في بعض الاحيان يصعب على الطفل التقاط الحلمة كما يجب (الامر الذي يصعب عملية الرضاعة وبالتالي يتفاقم الاحتقان في الثدي). في هذه الحالات, قد يؤدي شفط الحليب (يدويا، او باستخدام مضخة) الى تخفيف الاحتقان وجعل الحلمة اقل صلابة الامر الذي يسهل عملية الرضاعة على الطفل. يمكن تخفيف الاعراض عن طريق الاستحمام او وضع الكمادات الباردة وبواسطة تدليك الثدي المحتقن. كما يمكن اللجوء الى العلاجات الدوائية في الحالات الصعبة.ويمكن للامهات المرضعات استخدامالباراسيتامولاوالايبوبروفينبغية تخفيف الالم.
ازدياد حساسية الحلمات - تزداد حساسية الحلمات مع تقدم الحمل, الامر الذي يصل الى اوجه في اليوم الرابع بعد الولادة. تظهر الحساسية عادة بعد 30 - 60 ثانية من بدء الرضاعة, الا ان الالم الذي يستمر لفترة اطول (الى ما بعد الاسبوع الاول من الرضاعة) يشير الى وجود جرح في الحلمة. وتشمل معالجة الجروح في الحلمة معاينة طريقة الرضاعة, واذا لزم الامر اعطاء مراهم موضعية (تحتوي على ستيرويدات, مضادات حيوية ومواد مضادة للفطريات), كريمات للترطيب ولحماية الحلمة (بواسطة كمادات الرضاعة) توضع في الفترات ما بين الرضاعة.
التهاب الثدي- يكون المسبب لدى الامهات، غالبا، عدوى جرثومية. تشمل الاعراض غالبا احمرار الثدي وتورمه ويصبح حساسا جدا, وقد تظهر اعراض مجموعية مثل ارتفاع درجة الحرارة (اكثر من 38 درجة مئوية), شعور عام سيء, الام في العضلات, قشعريرة وغيرها. عند الاشتباه بوجود التهاب في الثدي, يجب ان تتوجه المريضة الى مراجعة طبيب اخصائي. ويعتمد العلاج عادة على تسكين الالام فقط, وفي الحالات الصعبة تتلقى المريضة المضادات الحيوية لمدة 10 - 14 يوما. وفي جميع الاحوال, لا داعي للتوقف عن الرضاعة, بل قد يؤدي شفط الحليب في حالات التهاب الثدي, في الواقع، الى تخفيف الاحتقان والتخفيف من اعراض المرض.
وبشكل عام, من الجدير بالذكر انه يمكن حل معظم مشاكل الرضاعة عن طريق الاستعانة باخصائيين مناسبين (طبيب نساء, مستشارة رضاعة وغيرهم), وهذه المشاكل تكاد لا تشكل سببا جديا للتوقف عن الرضاعة الطبيعية بشكل مطلق.